.

من فتاوى الطابور الخامس: فتوى للألباني



بقلم العلاّمة السيد عبد العزيز بن الصدّيق

جاء في مجلة "العالم" الصادرة بلندن بتاريخ 3 يوليوز 1993 خبر بعنوان: ((فتوى غريبة للألباني)). يقول الخبر: ((تلقت الأوساط الإسلامية بغضب واندهاش الفتوى المنسوبة إلى المحدث السلفي المعروف الشيخ ناصر الدين الألباني والتي قال فيها: إن على الشعب الفلسطيني أن يغادر فلسطين ويتركها لليهود وأن يبقى خارج فلسطين)). وسئل الالباني عما تقوم به إحدى الحركات الإسلامية المجاهدة في الأراضي المحتلة، فقال: ((إنها حركة سياسية، وعملها ليس جهادا وليست حركة إسلامية)).
وقالت مصادر إسلامية في الأردن ((إن فتوى الألباني تم تداولها وتوزيعها في أشرطة مسجلة وأنها تحدث فتنة لا مبرر لها وتلحق سبة كبيرة بكثير من المشتغلين بالفقه الإسلامي المعاصر)).
هذا آخر الخبر.
...وقد اتصل بي الكثير وسألوني عن هذه الفتوى التي تعد بحق مصيبة ونكبة على المقاومة للاستعمار الصهيوني الأمريكي في أرض فلسطين التي يذهب فيها كل يوم مئات من الرجال والنساء والأطفال: ما حكم الشرع في صاحب هذه الفتوى؟
وأجيبهم هنا بأن هذا المفتي ضال مارق خارج عن سبيل المسلمين بما أفتى به...
وبالرجوع إلى كتب الفقه الإسلامي على تعدد مذاهب أصحابها واختلاف مشاربهم تجد فيها الحكم على الذي يرضى بالرضوخ إلى حكم الكفار ويعمل على تسليم أرض المسلمين لهم، كافر مرتد حلال الدم.
وهذا حكم لا نزاع فيه بينهم، فهو إجماع منهم على ذلك. ومن جهل الألباني حكمه في فتواه على هذه الحركة بأن عملها ليس جهادا، وإنما هي سياسة.
ومن قال له إن من يناضل لتحرير وطنه وأرضه ليس مجاهدا ؟ والحديث يقول:"
من قتلدون ماله فهو شهيد".
فهؤلاء القتلى في معركة فلسطين شهداء بنص الحديث.
وليس من الدين أن نترك السياسة في تسيير شؤون الحياة في السلم والحرب وأن نخبط خبط عشواء بدون حزم ولا عزم ولا استعمال النظر للوصول إلى المراد.
لا يا "سلفي" القرن العشرين.
الإسلام لا يأمرك بترك السياسة وتعيش "كالبوهالي" ( الأخرق ) في الأرض. ولهذا شرع الاجتهاد واستنباط الأحكام على حسب ما يظهر في الوقت.
وفتواك هذه من السياسة، فكيف تنكر السياسة؟
والذي يجب أن ألفت إليه النظر هنا هو أن هذه الفتوى صدرت بوحي من البيت الأبيض الذي رأى بعد موت الاتحاد السوفياتي أن يبسط سيطرته على العالم وفق مصالحه ونظره. وهذا لا يتم له إلا بالقضاء على كل مقاومة لمصالحها ونفوذها، وذلك لا يتم مع هذه الثورة العارمة التي يقودها المسلمون في بقاع الأرض للتحرر من جبروتها واستغلالها لخيرات بلادهم، ففكرت ورأت أن أفضل ما تقضي به على عزائم المناضلين المكافحين في سبيل حريتهم وتفت في عضدهم هو استقطاب عملاء اشتهروا بالعلم والتفقه ليقوموا مقام الطابور الخامس داخل الصفوف لتوهين روح المقاومة باسم الإسلام وتهوين أمر احتلال الأعداء لبلادهم، والعمل على غسل الأدمغة من فكرة الجهاد في سبيل التحرر، حتى يلقي الجميع السلاح عن طواعية ويترك الولايات المتحدة تصول وتجول بدون معارض.
وقد قامت في السنوات الأخيرة بحملة عن طريق مثل الألباني من عملائها العلماء ضد السيد "قطب" الشهيد. وقرأت لبعضهم مؤلفا سلب فيه كل فضيلة وميزة لهذا الرجل الذي وضع معالم في الطريق لهذا الجيل في الكفاح ضد الإمبريالية والصهيونية.
وقد أرصد البيت الأبيض لاستقطاب هؤلاء العملاء من العلماء أموالا طائلة يسيل لها اللعاب ويذهب معها العقل واللب. وقد قال أبو تمام:
الضب والنون قد يرجى اجتماعهما
وليس يرجى اجتماع اللب والذهب
وفي الحديث الصحيح: "
تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس وانتكس، وإذا شيكفلا انتقش".

ومن تعاسة عابد الدينار والدرهم تنكره لدينه كما فعل صاحب الفتوى، وخيانته لوطنه، ورضاه بحكم أعدائه. والأمر لله

.

0 التعليقات: